حين يكون مولانا جلال الدين الرومي موضوعاً للكلام ..فإنه يعجز الكلام عن الوصف وتتحول الحياة بكل آلامها إلى دُنيا حبّ تعجّ بالملائكة، وينقلب الظلام نوراً.
وحين يتكلم الدكتور عدنان إبراهيم عن مولانا، فإن الكلام يكون له طعم آخر .. تتحرر الكلمات من قيودها المادية وتنطلق محلّقة في جوّ مفعم بالعشق الإلهي الأخّاذ. ما أجزم به أنّ من يسمعُ هذه المحاضرة الفواحة برائحة العشق سيدخل عالماً آخر .. وربما لن يريد بعد ذلك الخروج منه! إنه عالم لذيذ بحقّ. إنه عالم آسر. إنه عالم مولانا جلال الدين.
بصراحة .. لن أستطيع أن أكتب مراجعة وافية لهذه المحاضرة! يكفي فقط أن أقتبس كلمات مولانا:
“تُراك استمعت الى حكايا الناي..وأنين اغترابه ؟
منذ اُقتطعت من الغاب..لم ينطفئ بيّ هذا النواح
فلعل كل من أُبعد عن محبوبه ,
وأحرق الشوق له روحا .. يستمع لقولي، فيعيــه
ولعل كل من فارق موطنه .. لا تبُـح أنفاسه الا بالحنيـن
الى أوانٍ للوصال ..
تُراك .. تسمعني في كل جمع ؟
تسمع أنيني .. وضحكي .. تسمع نواحي!؟
كأنما صرتُ رفيـقاً، لكل مارٍ .. ومرتحل
ولكن كم منهم استمع إلي حقا؟
من منهم أدرك سر هذا الأنين؟
من بين تلك الأنغام السارية
من استمع لروحٍ .. تـئن في قيدها
وقيد .. يذوب في سريان روح ؟؟
إن أنين الناي، نارٌ .. لا هواء!
وأنين الناي .. دفقة الشجن .. حين مازجت الخمر
هذا الناي المنهك .. يروم الوصال ..
فيؤنس أنينه كل من أحرق الشوق أرواحهم.
ان الناي يبوح .. بقصص المجنون
وطريـقه المخضب عشقاً ودماً ..
فإذا ذهبت الأيام .. فقل لها اذهبي ولا خوف
.. ولتبقَ أنت يا من ليس له مثيل في الطهر
لتبقَ في قلبي .. نغمة لا تخبو.
أما الآن، ليُرفع القلم و يُطوى الكتـاب ..
فهذا البحر .. لا يلجه الا أهله
والسلام”