التعليق على هذا الكتاب هو من أصعب المهامّ بكلّ تأكيد.
فالكاتب علي عزت بيجوفيتش هو أستاذ بكل ما لكلمة أستاذ من معنى.
والتعليق أو النقد لكتابات الأستاذة يحتاج لأستاذة. ولا أعتقد أنني أستاذ أو حتى شبه أستاذ كي أستطيع آن أنقُد مثل هذا العمل الضخم.
لذلك سأكتفي بعرض انطباعي ورأيي الشخصي (القاصر إلى حد بعيد).
الفائدة الكبرى، ربما، التي استفادتها من هذا الكتاب هي ترسيخ فكرة ازدواجية وثنائية الكائن البشري. وبالتالي ضرورة مراعاة وتفهم الدين (إن كان ديناً حقاً) لهذه الثنائية. فأي تعليم ديني يدعو الإنسان إلى نسيان وإهمال جسده ورغباته الفيزيولوجية لحِساب روحه وميتافيزيقاه (إن صحّ التعبير) يَكُون ديناً منقوصاً وبالتأكيد لا إلهياً.
كما أعجبني تأكيد الكاتب على حرية الإنسان وجدارته. وبالتالي جدارة الإنسان في العقاب أيضاً. فالحرية والعقاب شيئان متلازمان.
التمايز الذي فصّلهُ الكاتب بين الثقافة والحضارة راقَ لي جداً. وفسّر لي مجموعة أمور كنتُ ألاحظها في مجتمعاتنا عموماً.
كما أن الكاتب كان موفقاً جداً في عرضه لمسألة الطوبيا والفرق بينها وبين الدراما. وما للطّوبيا من آثار كارثية على الأسرة خصوصاً. وهو ما نلاحظه وبشدّة في مجتمعاتنا اليوم للأسف الشديد.
وهناك الكثير والكثير من النقاط الأخرى التي يضيق بسردها مقام التعليق المتواضع هذا.
أنصح الجميع بقراءة متأنيَّة جداً لهذا الكتاب.
رحِمَ الله المفكّر الرائع علي عزّت بيجوفيتش. وجزاه الله خيراً.