كلنا نحلم بذلك المكان الجميل، المليء بالفراشات!
إذا كنت تعتقد أن مثل هذا المكان غير موجود على أرض الواقع، فأنت مخطىء تماماً! إنه موجود! وهناك شخص واحد زاره وعاد قبل مدة كي يخبرنا عن مباهجه وعن مدى روعته وإبهاره! هذا الشخص هو رافائيل هايثلوداي، راوي قصة :: يوتوبيا:: :)

يوتوبيا (المدينة الفاضلة) ليست كالمدن الأخرى!
تخيل فقط، مكانا لا حروب فيه، لا فقر، لا قهر. تخيل مكاناً فيه تُمطِر السماء مارشميللو :) باختصار، تخيل مكانا معاكسا بشكل أفضل للمكان الذي تعيش فيه أنت حالياً. ممتاز، هذا المكان الذي تخيلته للتو، وربما فغرت فاك أو سال لعابك وأنت تتخيله، هو اليوتوبيا التي حدثنا عنها الأخ الفاضل رافائيل عبر كتاب توماس مور!!
هذا المكان يجمع كل مباهج الدنيا وملذّاتها،

لكن .. انتظر!
لا تشطح كثيرا ..
بصراحة، عندما قلت لك أن هذا المكان مليء بالفراشات والمارشميللو .. لم أكن صادقا مئة بالمئة!
هذا المكان أيضا، مليء بالآلات! لا أقصد الآلات بمعناها التقليدي .. بل أقصد البشر. البشر فيها أشبه بالآلات .. الأفراد غير متميزين عن بعضهم، الكل نفس الشيء .. وأيضاً، هناك الكثير والكثير من العَبيد أيضاً!
كي أكون أكثر صراحة، هذه المدينة هي مدينة فاضلة بالتأكيد، ولكن السبب الحقيقي وراء أفضليتها، هو أنها نزعت أصل النزاع في البشر - العقل! فكما هو واضح عبر التاريخ، أن العقل كان وما زال هو السبب الأوحد (والأسباب الأخرى كلها ثانوية) لاختلافنا نحن البشر وتنازعنا! ولكن .. في اليوتوبيا، لا وجود الفردية، ولا وجود للعقلية المستقلة! في الواقع ليس هناك إلا عقل واحد، وهذا العقل الموحد موجود في رأس كل يتوبيوي! لذلك .. لن تجد حروبا هناك .. ولا فقر .. ولا صراع! لن تجد إلا العَبيد والآلات!!

بالتأكيد لا يمكن لمثل هذه اليوتوبيا أن توجد! فإنها لكي توجد لا بد أن يختفي البشر أولاً! أو أن يتحولوا إلى آلات! وكلا الأمرين مستحيل نظرياً :) ومن فكاهيات الكاتب الأديب توماس مور أنه اختار للراوي (الذي يدعي أنه زار هذه اليوتوبيا) اسما غريبا وفيه لمحة فكاهية جداً، وهو: هايثلوداي! واسم هايثلوداي يعني (الذي يهرف بما لا يعرف!!). يبدو أن توماس مور الله يرحمه كان دمه خفيف ودائم الابتسام - يكفي أن تنظر في وجهه السمح حتى تتأكد من نغاشته!! :) :)

على كل حال!! بعدما انتهيت من قراءة الكتاب، أحببت النزاع! فالنزاع على ما يبدو، هو الدليل الوحيد على بشريتنا وعلى تمايزنا واختلافنا الذي لن ينتهي .. ولله الحمد :) :)